الشتاء يكتب

الحمد لله مصرف الأحوال مقدر الآجال، المتفرد بالعظمة والعز والجلال، المنزه عن الأنداد والشركاء والأمثال، المبتدئ بالإحسان قبل السؤال، من له الغنى كله وله مطلق الكمال، أما بعد فالصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد ﷺ.

بين يديك الآن كتابي الأول في جزئه الأول الذي تحدثك كلماته عن تلك المشاعر الفياضة من  الفصول الأربعة المتعاكسة تماما مثل أحاسيسنا، والمناظر التي تميز كل فصلٍ عن قرينهِ. 

 من خريف تتساقطُ أوراقهُ بتوانٍ مفارقةً أفنان الشجر، نكتب لكَ عزيزي القارئ عمّا يُعانِقُ قلبكَ في فصلٍ شتوي من قهوةٍ دافئةٍ تنفثُ بخارهَا بسبب البردِ، وقطراتِ الندى التي تتدلى من على أزهار اللوتس فتُحييها كما يدبجُ الرسام لوحتهُ. 

أو عن شروقِ شمس الضحى وأنتَ تسرُ لمرآها على الشاطئِ... إنه الصيف! فرحةٌ ترتسم على وجوه الأطفال بينما لمحاتُ حزنٍ تبدى على وجه ذوي الوسامة العقلية فلا يليق بهِم سوى شتاءٌ دافئ يأويهم من حر الحياةِ. 

ونعود إلى أجمل ما قد تراه من الفصول، عطارٌ يرشُ عطر زهر الياسمينِ في الجو، وتفتح تلك الزهرة التي قد وضعتها الأم على نافذة المطبخ معلنةً عن ربيعٍ جديد، تجلسُ قبالتها تراقبها وهي تتفتحُ بتألق وتتمعن في جمال ألوانها الزاهيةِ وأنت تحتسي قدحًا من الشاي، ما إن تكمل فتقترب منها فيغدقُ عبقها أنفك وترسلُ في روحكَ شذى يجعلكَ تزهر من جديد. 

أيضا ستبوح الكلمات بما يعتريك من مشاعرٍ بكلِ فصلٍ، من شجنِ الشتاء، إلى جبرٌ لياح في فصل الربيع ثم سعادة وحماسٌ فصل الصيف، ونعود لفصل المتضادين، فصل اللقاء والفراقِ، فصلُ خرافة الوقوع في غياهب الحب والغرق في يَّم الحزن وهو الخريف! 

غبراءٌ يكتسيها البياضُ..

أرواقٌ برتقالية باليةٌ..

شمسٌ لياحةٌ حارقةٌ..

شذى عطرِ النرجس..

كلهَا أحاسيس تكتسيكَ بتعاقب فصول السنة، في هذا الكتاب وصفٌ دقيق لأول فصلٍ له..

«شتاءٌ يكتب»..

ستبدأ رحلتنا في الغبراءِ ذاتُ البياضِ رقراقٍ، فهل أنت مستعد؟